الجمعة، 28 أبريل 2023

الطير المقطعى 2 @

بعد المداورة والمحاولة، وعادة ما تفشل، فإن الطائر المقطعي يتسيد الموقف والمكان، ويفرض سيطرته على سمائه وأرضه، فقد استوعب الدرس بمرارته، لذلك لن يسمح لأقرانه والآخرين الوقوع في نفس الموقف، فما إن يرى طائراً يقف أمام المضربة -أداة الصيد- حتى يقوم بطرده، والدخول معه في عراك حتى يبعده عن المكان، ويظل يتسيّد المكان ومرتفعاته وعينه الثاقبة تمسح المكان، وما إن يشاهد طائراً أمام المضربة وقد شده الطعم وأغرته رقصة الدودة: أبلق تعال هاى الدودة.. أبلق تعال حمره سودة. حتى ينقض عليه ويبعده عنها، وتستمر اللعبة بين الطائر المقطعي الذى أفتك حريته عنوه، وأصبحت السماء ملعبه وقوة جناحيه ورشاقة طيرانه وعينه الثاقبة، ليصل غلى أكله بعيداً عن الاقفاص التي تسلبه حريته. وهنا يلجأ الصياد إلى تغيير تكتيكاته، لكي يخضع هذا الطائر العنيد فيلجأ إلى كل الحيل التجويع وممارسة التضييق في المكان، وآخراها تغيير أداة الصيد، رغم خطورتها لأنها قد تفتك برقبة الطائر الرقيقة فلا يستفيد الصياد شيئاً من صيده، ربما فقط أن تخلوا الساحة له كي يتحكم ويمعن في السيطرة على المكان، وينهى التمرد! فيحضر معه الفرطيقة وهي أداة صيد مخفية يتم ردمها في الرمل كي لا تظهر لعين الطائر، ويطمئن أن الطعم هو فقط دودة دون الكمين النائم تحت الرمل، فينزل ظناً منه أن عدوه قد كف شره وغير من طباعه، ولكنه فقط كحرباء تلون جلدها إن تشاء فيقترب وتبدأ الزكرة تتصاعد أنغامها في لوحة الموت الأخيرة: أبلق تعال هاى الدوده، أبلق تعال حمره سوده. فيما يتقدم الطائر المخدوع نحو حتفه بخطى راقصة واثقة نحو النهاية، ليكتب له رجال القانون بعد غلق الستار أن القانون لا يحمى المغفلين ويسقط، وما أن يمس منقاره الطعم، تنطلق الفرطيقة على تلك الرقبة النحيلة وتسحق عظامها الطرية، لحظة انطلاق لصياد محاولا القبض على الفريسة، وعندها لن يفيد الندم، ولن يغير من الأمر شيئاً، فحريتك هي أثمن من كل مغريات الدنيا، وكرامتك وفوقها دينك ودمتم بخير وأمان.