الأربعاء، 3 يونيو 2009

ابليس وفرسان الجاهلية



منذ أن طرد جد الإنسان الأول من الجنة ولعنة الخطيئة تطارده,وإبليس أكبر رفقاء السوء قرينه.
لقد خلق الله ادم على صورته الآدمية هذه من طين لازب فأكمل صورته البشرية كأكمل ما يكون الخلق, ولكن إذا قيس بالملائكة فإنه أين منهم ذوي الأجنحة والأجسام النورانية.
إن الله قادر على خلق أدم من نور أو من لؤلؤ مكنون ولكنها حكمته أرادها وهي في لوح الأزل كتبت, أن يأمر إبليس بالسجود لأدم {وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكفرين *وقلنا يأدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}.
أخذه الكبر والعصبية وعصى الله عز وجل ثم كان من هبوط ادم على الأرض وطرد إبليس من الجنة وأمهله الله إلى يوم الدين فأذهب الله عبادة ستة ألاف عام عن كبر ساعة واحدة,وقطع إبليس على نفسه عهدا بأن يغوي الناس جميعا,إنهم أبناء ذلك الكائن الذي فضله الله وأمره بالسجود له فقال {رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين } وبهذا الحلف سارت البشرية الضالة ممتطية صهوة الكبر والعصبية متحدية الله بمعصية إبليس الأولى,من ذلك الحين حتى يرث الله الأرض ومن عليها,فكل الآثام والشرور والظلم والكبر هي مصيدة إبليس العظيمة ومكيدته الكبرى .
وكان أول أفعال الإنسان على الأرض قتل أخيه من أمه وأبيه عندما قتل قابيل أخاه هابيل نتيجة للحسد والبغضاء والحقد الأعمى {وأتل عليهم نبأ ابني أدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين*لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا باسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين*إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين *فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخسرين*}
فالإنسان دائما قرينه إبليس يحاول أن يوقعه في الشرك في الخطيئة مستعين بكل المغريات,ولكن رحمة الله أن سلحهم ضد كل المغريات لكي يقاوموا صنوف القهر والتركيع وفي النهاية ينتصر الحق الإلهي {يأيها الناس كلوا مما في الأرض حللا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وإن تقولوا على الله مالا تعلمون} إن الإيمان العميق هو الصخرة التي تتحطم فوقها كل صنوف الشهوات والإحساس بأن الله موجود في كل شيء وفي كل مكان وفي كل زمان يراقب ويحصي على الإنسان حركاته وسكناته وخلجات نفسه {وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ماتكسبون}. كذلك باب التوبة لم يوصد أمام من يدق عليه بيد الندم والتوبة الصادقة ,هكذا كانت رحلة الإنسان من الجنة إلى الأرض ثم سمو بالإنسان كلما مشى في طريق الهدى وابتعد عن طريق الضلال إنها رحلة الخطيئة الأولى ثم تاب الله على ادم ولكن بذرة الشر ظلت مغروسة في الإنسان {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له إتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد}
هكذا هو الإنسان برغم الصفح والإرشاد برغم الرسالات والرسل لا يزل يحصد ثمار الخطيئة منذ أن طرد جده الأول من الجنة وهو يحمل بداخله حلم العودة إلى الوطن يظل مسافرا يبحث عن الطمأنينة والاستقرار مطاردا من داخله, يشعر بضيق المكان يحمل حنين أبدي وظمأ إلى الأرض فمهما يأتلف من أرض وسموات وجنات على الأرض يظل حبه الظامئ إلى أمه الأولى الأرض أن يتحول إلى تراب ثم يعود يوم ينفخ في الصور إلى الفردوس المفقود حيث يشبع ذلك الظمأ الأبدي الوطن حتى ذلك الحين دمتم سالمين

ليست هناك تعليقات: